– هل مقولة كل الصابون واحد صواب؟
– لا ؛ يا صديقي، فالأمور المتشابهة رغم أن لها الاسم العام ذاته فهي مختلفة بعناصر بنائها مثل نوع العطر أو الزيت الذي تَصنع منه.
انظر على سبيل المثال الحمضيات فالليمون غير البرتقال غير اليوسفي …، والطيارة غير السيارة غير الدراجة …الخ،
وهذا يعني أن اختلاف الوظائف للشيء أو بنيته الذاتية رغم التماثل الجزئي بالشكل يؤدي ضرورة لاختلاف الاسم وتمييزه حتى نستطيع التعامل معه والتواصل مع الآخرين ، وكل العلوم تقوم على التقليم للأسماء والمعلومات.
– وهل هذا ينطبق على الكلام ؟
– نعم؛ لأن الكلمات والأسماء تأتي نتيجة طبيعة الشيء ووظيفته، فاختلاف الشيء عن غيره يقتضي ضرورة اختلاف اسمه ،فالمطرقة غير الكمَّاشة! ولولا ذلك لصار كلام الناس اعتباطًا و لا يفهم أحد على أحد شيئًا ، والتعبير الصواب عن طبيعة الشيء واختيار الاسم المناسب له هو قوة في البيان وإحكام في الصياغة وصدق في الخبر، انظر مثلًا إلى جمع الأعداد 5 + 4 = 9 ، وفي حال غيرنا ترتيب الأعداد 4+ 5 = 9 ، لا تتغير النتيجة، بينما في اللسان العربي نجد أن ذلك غير ممكن وهو نظام مُحكم، مثلًا كلمة (كتب) هي ك+ ت + ب = كتب، وإذا غيرنا ترتيب الأصوات ب+ ت + ك = بتك، تغير بناء الكلمة وتغير المعنى نتيجة ذلك التغير، وهذا تحقق في الخطاب القرءاني بشكل صارم، بينما تم التساهل في كلام الناس لقصور علمهم وضعفهم عن استحضار الكلمة المناسبة في مكانها المناسب، ومن هذا الوجه ظهرت القاعدة المنطقية اللسانية الكونية : (إذا اختلف المبنى اختلف المعنى ضرورة)، وكلمة المبنى تعني العناصر الصوتية التي تتألف منها الكلمة المعروفة باسم الحروف، وأي تغيير أو تقديم أو تأخير في بناء أصوات الكلمة يؤثر على المعنى، فمثلًا كلمة كتب غير بكت أو بتك أو كبت … رغم أن الأصوات ذاتها، ولكن تغير ترتيب الأصوات فأدَّى إلى تغيير المعنى، ومن باب أولى لو تغيرت الأصوات كلها مثل كلمة سنة الله و حديث الله، أو سنة النبي و حديث النبي، أو ذهب و خرج، و أتى و جاء و قَدِم و حَضر …. اختلف المبنى اختلف المعنى، ولو أنه يوجد ترادف بينها بمعنى تداخل جزئي في المعاني وهذا لاينفي الفروقات بين دلالة الكلمات، ولذلك لا يصح دراسة الخطاب القرءاني بشكل اعتباطي وسطحي ، بل لابد من تفعيل هذه القاعدة الذهبية المنطقية اللسانية( إذا اختلف المبنى اختلف المعنى).
للتوسع في الموضوع راجع كتاب: علمية اللسان العربي وعالميته / سامر إسلامبولي